صحيفة ليبية شاملة
الإقتصادالدوليةالعربية

“البورصات والاستثمار المستدام” في قلب نقاشات المعرض العربي للاستدامة تحت مظلة الجامعة العربية

في يوم 20 مايو، 2025 | بتوقيت 4:30 م

هالة شيحة
عُقدت جلسة نقاشية بعنوان “البورصات والاستثمار المستدام” ضمن فعاليات الدورة الأولى للمعرض العربي للاستدامة، والذي يُقام تحت مظلة جامعة الدول العربية، وسلطت الجلسة الضوء على التنمية المستدامة في الأسواق المالية ودورها في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية.

أدارت الجلسة رانيا يعقوب، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجالات الاقتصاد والاستثمار، وهم الدكتور ماجد عبد العظيم قابيل، أستاذ الاقتصاد وخبير الاستثمار، أحمد شريف، المستشار الاقتصادي والخبير الدولي في أسواق المال العالمية، وعضو لجنة التكنولوجيا المالية بتحالف شركاء جامعة الدول العربية، الدكتور حسن الصادي، المستشار الاقتصادي والمالي الأسبق لبورصة الكويت وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، بالإضافة إلى علاء درويش خبير أسواق المال.

استهل الدكتور ماجد عبد العظيم كلمته بالتأكيد على أن البورصة تُعد مرآة للاقتصاد تعكس حالته بدقة، مشيرًا إلى أن دورها لا يقتصر على جذب رؤوس الأموال فقط، بل يتعداه لتأدية دور كبير في الاقتصاد المصري

ورأى ماجد عبد العظيم أن البورصة تحتاج إلى تخفيف بعض الإجراءات لتعزيز دورها الفعّال.

وأضاف أن التشريعات والقوانين الحالية تُعد محفزة، مشيرًا إلى أن أداء البورصة يكون قويًا عندما تكون القيادات أكثر علمًا ومرونة، وقد يكون أحيانًا دون المستوى لأسباب مختلفة.

لكنه أشار إلى أن القيادات الحالية تتمتع بكفاءة عالية، وتحتاج فقط إلى قوانين محفزة لمواكبة التحديات.

وأكد أن زيادة كفاءة البورصة المصرية في تحقيق التنمية المستدامة تتطلب إصدار تشريعات وقوانين تُشجع على الاستثمار المحلي والعالمي، وتعزيز حرية دخول وخروج رؤوس الأموال، مشددًا على ضرورة وجود خطة واضحة لتطوير أداء البورصة ووضعها على منصات البورصات العالمية.

أوضح الدكتور حسن الصادي أن المستثمر لن يزيد من استثماراته في البورصة أو يُدرج شركاته بها ما لم يشعر بالأمان، محذرًا من التلاعب الذي قد يؤدي إلى فقدان ثقة صغار المستثمرين.

وأكد أن صغار المستثمرين يضخون السيولة الحقيقية في السوق، على عكس كبار المستثمرين الذين يمتلكون محافظ متنوعة تشمل الذهب والعملة والأسهم والسندات، وينتظرون صعود السهم للبيع، أما صغار المستثمرين، فعند تعرضهم للخسارة لا يعودون إلى السوق مرة أخرى.

ودعا إلى خلق إطار استثماري آمن لصغار المستثمرين، من خلال الشركات التي تحتوي على “ماركت ميكر – Market Maker”، الذي يمكنه التدخل لحماية المستثمر في حالة انخفاض السهم. وأكد أن خسارة صغار المستثمرين تمثل خسارة كبيرة للسوق ككل.

كما شدد على ضرورة التنسيق بين البنك المركزي وسياسته النقدية، ووزارة المالية وسياستها الضريبية، سواء على الأرباح الرأسمالية أو النقدية، بما يتوافق مع سياسات البورصة ويُعزز جاذبيتها الاستثمارية.

وتحدث أحمد شريف عن التداول في أسواق المال العالمية”، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب أن يمتلك المتداول الخبرة الكافية، والتي تُكتسب مع الوقت، ليتمكن من إدارة المخاطر بشكل فعال، وبالتالي تحقيق منافع مستدامة.

وأشار إلى أن الوضع الحالي يستوجب متابعة دقيقة تصريحات الرئيس الأمريكي، لأن لها تأثيرًا مباشرًا على حركة الأسواق، على عكس الرئيس السابق الذي كانت البورصات في عهده أكثر استقرارًا.

وأضاف أن اختلاف تصريحات الرؤساء الأمريكيين يُربك السوق ويؤثر على تفكير المستثمرين فيما يتعلق بالاستدامة والمخاطر.

واستشهد بما حدث خلال سياسات الرئيس ترامب، حيث تسببت الرسوم الجمركية على الصين في هبوط الأسهم وارتفاع الذهب، ثم أعقب ذلك تصريح من ترامب بأن “هذا وقت الشراء”، لتعاود الأسهم الارتفاع ويتراجع الذهب عقب توقيع الاتفاق، ما أدى إلى مكاسب كبيرة للذين اشتروا أثناء الهبوط.

وأشار إلى أن المستثمرين اليوم في حالة من التشتت بسبب الحرب التجارية والتعريفات الجمركية الأمريكية، ما يزيد من أهمية التحوط وتنويع الاستثمارات.

في نهاية الجلسة، قدم الخبراء مجموعة من النصائح المهمة للمواطنين بشأن أوجه الاستثمار الأمثل، حيث أكد علاء درويش على أهمية تقسيم المدخرات إلى أربعة أجزاء: جزء في الذهب، جزء في الأسهم، جزء في أصل ثابت أو مشروع مستقر، وجزء في العملة، بحيث يُعوّض أي خسارة في جزء من الأرباح المحققة في الأجزاء الأخرى.

من جانبه، رأى الدكتور حسن الصادي أن ما يحدث من الرئيس ترامب ما هو إلا محاولة لتحميل فاتورة الانتخابات على حساب العالم، ما يجعل من الصعب التنبؤ بالأسواق، ويُحتم عدم وضع الأموال كلها في سلة واحدة.

أما أحمد شريف، فأكد على الفرق بين الادخار والاستثمار، مشددًا على أن الذهب ليس استثمارًا بل وسيلة لحفظ المدخرات، حيث إن جميع السلع والخدمات تشهد زيادات، وليس الذهب وحده. واعتبر أن الأصول المالية تحافظ فقط على قيمة الأموال، لكنها ليست استثمارًا فعليًا.

وأشار إلى أن ميزة الاستثمار في البورصة تكمن في أنه لا يحتاج إلى مبالغ كبيرة، لكن يتطلب حذرًا وخبرة، مؤكدًا أهمية الوعي والاحتراف في اتخاذ القرار الاستثماري.

واختتمت رانيا يعقوب الجلسة بتأكيدها على أن “أهم استثمار هو استثمار الإنسان في نفسه”، مشيرة إلى أن الاستثمار في المعرفة والخبرة هو ما يُمكن الإنسان من استثمار أمواله وتوظيفها بالشكل الصحيح، وشددت على ضرورة الاستعانة بأهل الخبرة في هذا المجال.