
هالة شيحة
تحتفل المنظمة العربية للتنمية الزراعية في السابع والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام بيوم الزراعة العربي والذي يصادف يوم مباشرتها للعمل من مقرها الرئيسي بالخرطوم في العام 1972م ، ويأتي الاحتفال بيوم الزراعة تأكيدا لأهمية القطاع الزراعي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية، حيث تعتبر الزراعة مصدراً رئيسيا للدخل في العديد من دول المنطقة.
وتحتفل المنظمة بيوم الزراعة لهذا العام تحت شعار:
” لنعمل معا ً على استدامة الواحات وتعزيز قدرتها على التكيف والصمود”
ويأتي اختيار شعار الاحتفال لهذا العام للتأكيد على أهمية الواحات للمنطقة العربية لكونها الرئة التي تنفس منها أجدادنا، ولكونها مخزون تراثي وثقافي حي، ونظم إيكولوجية فريدة تختزن تنوعاً حيوياً ثميناً، ونمط حياة متكامل يتسم بالحكمة والتكيف مع الطبيعة، إضافة لكونها ملاذا أمنا ومصدر عيش رئيسي لسكان الصحراء. مما يجعلها ركيزة أساسية للاستقرار البشري والأمن الغذائي في المناطق الجافة وشبه الجافة. فالواحات ليست مجرد نظم إنتاج زراعي متميزة، بل هي مصادر فريدة للتنوع الحيوي، ومخازن طبيعية للمياه الجوفية، وحاضنة للموروث الثقافي والهوية العربية الأصيلة التي تتجسد في أنماط العيش والتقاليد الزراعية المتوارثة.
وتحظى الواحات في وطننا العربي بأهمية إستراتيجية بالغة، فهي تشكل شبكة حيوية تضم المئات من البقع الخضراء الكبيرة والصغيرة، الممتدة على طول الصحاري العربية من موريتانيا إلى سلطنة عُمان. حيث يبلغ عدد الواحات في المنطقة العربية نحو 766 واحة موزعة على 12 دولة عربية، حيث تحتل الجزائر المرتبة الأولى عربيا في عدد الواحات بنحو 180 واحة تليها سلطنة عمان بنحو 168 واحة والمغرب بنحو 166 واحة ثم اليمن بنحو 73 واحة وموريتانيا بنحو 58 واحة تليها تونس (38) واحة وليبيا (31) واحة والسعودية (21) والامارات (14) ومصر (11) وسوريا (4) والأردن (2) واحة. وتعتبر واحة الأحساء، في المملكة العربية السعودية، من أكبر واحات العالم حيث تمتد على مساحة 30 ألف فدان، وتضم أكثر من 2.5 مليون نخلة، وتقع وسط صحراء قاحلة جافة، وهي موقع تراث عالمي لليونسكو، تشتهر بتاريخها العريق الذي يعود لآلاف السنين.
وتواجه الواحات العربية اليوم تحديات جساماً تهدد وجودها واستدامتها، من تغير مناخي وشح في الموارد المائية والزحف الصحراوي، إضافة للضغوط الاقتصادية والاجتماعية والتي بالرغم من صعوبتها فأننا في المنظمة العربية للتنمية الزراعية نرى فيها فرصةً لتوحيد الجهود منظمات ودول للعمل معا على استدامة الواحات وتعزيز قدراتها على التكيف مع المتغيرات بكافة اشكالها وانواعها لتعزيز مقدراتها على الصمود من خلال انتهاج خطط عمل شمولية لتطوير الواحات ترتكز على الابتكار واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة وريادة الاعمال والمشاركة المجتمعية وتمكين المراءة والشباب، وذلك لكون مسؤولية حفظ هذا الإرث الحضاري والبيئي الفريد مسؤولية كبيرة وواجب وطني وقومي يستدعي تضافر كافة الجهود على مستوى السياسات والاستثمارات والبحث العلمي والمبادرات المجتمعية والابتكار.
وبهذه المناسبة دعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية كافة الشركاء، من حكومات ومؤسسات بحثية وقطاع خاص ومجتمع مدني ومنظمات عربية ودولية، إلى توحيد الرؤى وتعزيز التعاون لإنقاذ وتنمية واحاتنا، ليس فقط للحفاظ على ماضينا، بل لضمان مستقبلٍ ينعم بالأمن الغذائي والاستقرار والتنوع البيولوجي لأجيالنا القادمة ولضمان حياة كريمة لسكان الواحات ووقف هجرتهم الى المدن.
وتقدمت المنظمة العربية للتنمية الزراعية بهذه المناسبة لتتقدم بالتهنئة والشكر والتقدير للقادة ووزراء الزراعة العرب لدعمهم المتواصل للمنظمة وللقطاع الزراعي والسمكي العربي والشكر والتهنئة لكافة العاملين في القطاع الزراعي والأنشطة المصاحبة له متمنين تحقيق الطموحات في توفير غذاء آمن وصحي لكل المواطنين العرب.