صحيفة ليبية شاملة
الدوليةالعربية

من بيت العرب .. عمرو موسى يدق ناقوس الخطر ويدعو لدور عربي فاعل في حوار الحضارات ..واستثمار الطاقات العلمية لمواكبة المتغيرات العالمية

في يوم 22 ديسمبر، 2025 | بتوقيت 10:44 ص

 

هالة شيحة
في ظل مرحلة عدم اليقين التي باتت تهيمن على الساحة العالمية ووسط متغيرات دولية أصبحت تغذي الصراع بين الحضارات بدلا من ترسيخ الحوار ..جاء انعقاد جلسة صالون الجامعة العربية الثقافي والذي اتسم بالثراء الثقافي والسياسي والمعرفي بحضور السيد عمرو موسى الامين العام الأسبق لجامعة الدول العربية الذي ألقى محاضرة سبرت أغوار الواقع ودعت إلى استشراف افاق المستقبل .
وانعقدت دورة الصالون الثقافي تحت عنوان «حوار الحضارات بعد عقدين: مستقبل حوار الحضارات والثقافات من أجل التعايش السلمي». و أدارها بكفاءة واقتدار المستشار يوسف مشاري مدير ادارة الثقافة وحوار الحضارات بالجامعة العربية والذي استعرض تطورات الصدام والصراع بين الحضارات وكيف بادر الامين العام عمرو موسى بانشاء ادارة لحوار الحضارات ليكون للعرب دور ازاء ما يشهده العالم من متغيرات تغذي الصراع والصدام بين الحضارات .

وشارك في المناقشة كل من الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق، والسفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق، بالإضافة إلى ممثلي الأزهر والكنيسة وعدد كبير من السفراء ومندوبي الجامعة العربية والبعثات الدبلوماسية.
وأكد عمرو موسى خلال الفعالية أن العالم يمر بمرحلة من عدم اليقين تتطلب دورا جماعيا ليكون العرب فاعلين ازاء المتغيرات العالمية والتي فاقمت صراع الحضارات .
ونوه في هذا الاطار بالدور العالمي لـ تحالف الأمم المتحدة للحضارات (UNAOC)، الذى تأسس عام 2005 بمبادرة من الأمين العام الأسبق كوفي عنان بهدف تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، ومواجهة التطرف، وبناء جسور التفاهم بين الشعوب، مع تخصيص يوم دولي للحوار بين الحضارات في 10 يونيو من كل عام.
واكد عمرو موسى اهمية وجود دور عربي جماعي لحوار الحضارات يعمل على ترسيخ التفاهم بين أتباع الديانات السماوية «الإبراهيمية» — اليهودية والمسيحية والإسلام — إلى جانب المعتقدات الأخرى كالبوذية والهندوسية والكونفوشية، مؤكداً ضرورة تحويل «صراع الحضارات» الذي تفرضه القوى الدولية إلى حوار حضاري حقيقي يرسخ قيم السلام والتعاون وبناء مصالح مشتركة، بحيث نحيي حوارا حضاريا وان نخلق حالة نقاشية تفضي لعمل سياسي جماعي .
وشدد موسى على ضرورة تضامن دول الجنوب الدولي لحماية القانون الدولي معربا عن تخوفه من عدم تحرك الوضع في الشرق الأوسط نحو الحلول المقبولة بل الحلول المفروضة عليه .
وقال انه بات من الواضح ان المحافل الدولية بدأ صوتها ينخفض دون احتجاجات نظرا لحالة عدم اليقين التي تجري بدرجة غير مسبوقة في التاريخ العالمي كله.
وحذر من مغبة اتساع دائرة صراع الحضارات بين الغرب والشرق، داعيا إلى إطلاق آلية لحوار الجنوب العالمي وإيجاد قنوات اتصال فعالة مع الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وبقية الفاعلين الدوليين لإنهاء حالة الاحتقان العالمي الراهنة .
وتطرق موسى إلى الطفرة العلمية والتكنولوجية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، والتقدم الهائل في استكشافات علوم الأرض والفضاء والبحار، متسائلاً عن موقع العالم العربي من هذا التقدم غير المسبوق رغم امتلاكه العقول القادرة على الإبداع، داعياً إلى ترسيخ مكانة العرب العلمية والتكنولوجية والتحول إلى منتجين للمعرفة خاصة وان المستقبل يشير لصراع على امتلاك فضاءات اوسع والصراع على اقتسام ثروات تلك الفضاءات .
وأشار إلى أن المشهد العالمي يتجه نحو قيادة محتملة من قبل خمس قوى كبرى هي : الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا والهند واليابان، لافتاً إلى أن بعض القوى تمارس الهيمنة على حساب القانون الدولي، وهو ما يعزز صراع الحضارات على حساب الحوار القائم على العدالة.

من جانبه تحدث الدكتور عصام شرف عن مفهوم المصير المشترك للبشرية وضرورة تعزيز حوار الحضارات موضحا أن حوار الحضارات الذي أرسته الأمم المتحدة قبل ثلاثة عقود كان موجهاً وفق مصالح القوى المنتصرة، مشدداً على ضرورة تكتل الجنوب العالمي بقيادة الصين لمواجهة نمط الصراع المفروض على الدول النامية.

وقال ان النظام العالمي غير عادل وهناك تحركات نحو نظام عالمي جديد وحوكمة عالمية جديدة تقوم على التعددية …وهو ما يشكل فرصة ذهبية للجنوب العالمي وخاصة المنطقة العربية للاقلمة وخلق اقليم يعمل على تحقيق المصالح المشتركة ومواجهة الخطر القادم .

بدوره اوضح السفير محمد العرابي أن الواقع الدولي يشهد «صراع أديان» أكثر منه «حوار حضارات»، مؤكدًا ضرورة إعادة إحياء الحوار الحضاري لضمان السلام العالمي وحماية الأمن والسلم الدوليين.

من جهته اكد علي صالح موسى القائم بأعمال السفير اليمني بالقاهرة اهمية تعزيز الحوار بين الحضارات موضحا ان العقل العربي يمكن ان يبدع ولدينا زخم في العلماء يمكن من تعميق حوار الحضارات كنتاج فكري للبشرية
وقال ان العالم يمر بحالة من عدم اليقين نظرا للسياسة الامريكية التي ينتهجها ترامب، لافتا في الوقت ذاته إلى ان العرب قادرون على اللحاق بالركب والنأي عن صراع الأديان ، فالأديان جسر في مسار الحضارات .
وأكد ممثل الكنيسة أن الحوار يشكل «ضرورة إنسانية» لافتا إلى ان الإنسان خُلق بطبيعته كائنًا اجتماعيًا يقوم وجوده على التواصل والتعايش لا على الصراع.
كما اوضح ممثل الأزهر أن الإسلام يؤمن بجميع الأديان السماوية ويحترم العقائد المختلفة، ويدعو إلى السلام وترسيخ التعايش بين الأمم والحضارات، منوها بمبادرة «بيت العائلة المصرية» التي دشنها الأزهر الشريف بالتعاون مع الكنيسة المصرية، وتعمل على تعزيز الوحدة الوطنية ونبذ التطرف وترسيخ القيم المشتركة عبر برامج وأنشطة تشمل مختلف محافظات مصر، تأكيدًا على أهمية حوار الحضارات ونبذ الصراعات والفكر المتطرف .