صحيفة ليبية شاملة
افريقياالإقتصادالدوليةالعربية

مؤتمر موسع بالقاهرة يدعو لمخاطبة الأطراف المعنية بالقرن الأفريقي بشأن المخاطر التي يتضمنها استمرار النهج الإثيوبي المتعنت في مفاوضات سد النهضة

في يوم 27 يونيو، 2024 | بتوقيت 9:42 م

 

القاهرة – ليبيا اليوم – عز العرب أبو القاسم 

حذر المشاركون في “مؤتمر صراعات القرن الأفريقي وتداعياتها على الأمن الاقليمي والمصري ” الذي اختتم أعماله بالقاهرة من التداعيات الخطيرة للنهج الاثيوبي بشأن سد النهضة واستمرارها في ملء السد دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يراعي مصالح دولتي المصب ” مصر والسودان”. 

ودعاالمشاركون إلى مخاطبة  كافة الأطراف المعنية بالقرن الأفريقي بشأن المخاطر التي يتضمنها استمرار النهج الإثيوبي المتعنت في مفاوضات سد النهضة كمهدد محتمل للسلم والأمن الإقليميين .

وجاء انعقاد المؤتمر والذي نظمه المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في ظل تفاقم المشكلات الأمنية والإنسانية، والتصاعد المستمر للصراعات والأزمات في إقليم القرن الأفريقي، بالتزامن مع التوترات التي يشهدها إقليم الشرق الأوسط، وذلك لبحث التحديات والتهديدات الراهنة، ومعالجة أسبابها الجذرية، واستكشاف سبل تعزيز الأمن  والاستقرار الإقليمي من خلال تقديم رؤى شاملة مرتكزة على التعاون الجماعي.  

كما جاء  المؤتمر استجابة لما يحظى به القرن الأفريقي من أهمية استراتيجية متنامية، في ضوء الصراع الدولي القائم على تأمين الحصول الموارد الطبيعية، وحماية طرق التجارة العالمية وهو ما جعل منطقتي البحر الأحمر والمحيط الهندي، والطرق المؤدية إليه، في قلب التوترات الدولية المتصاعدة. 

 ثم جاءت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لتنقل الصراع في الإقليم إلى مستويات جديدة من التوتر أضفت مزيدًا من التعقيد على المشهد في القرن الأفريقي. 

واكد المؤتمر على أهمية احترام سيادة الدول الوطنية ووحدة وسلامة أراضيها.

ودعا إلى إنشاء منتدى دائم للحوار والتنسيق بين دول إقليم القرن الأفريقي. كما دعا إلى إطلاق مبادرات نوعية للحوار الشامل بين دول الإقليم وكافة الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بمواجهة التحديات الأمنية المشتركة.) العمل على معالجة تبعات الصراعات والأزمات التي يشهدها القرن الأفريقي من خلال التكامل الإقليمي عبر تعزيز الاستفادة من منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية. كما اكد اهمية بناء موقف إقليمي يعكس التوافق بشأن ضرورة الوصول إلى حلول توافقية بشأن النزاعات الإقليمية على الحدود والموارد. والعمل عن كثب مع الحكومات المحلية والمنظمات غير الحكومية لجمع معلومات دقيقة حول الظواهر السلبية التي تؤجج الصراعات في دول الإقليم.

وإنشاء وتحديث قواعد بيانات وطنية واقليمية لمراقبة الصراعات مع تفعيل لأنظمة الإنذار المبكر للكشف عن علامات تصاعد الصراعات وتمكين التدابير الاستباقية

وتكثيف وتطوير المبادرات البحثية والأكاديمية المستندة إلى بيانات ومعلومات ميدانية بهدف تعقيدات الصراعات في المنطقة بشكل افضل ونشر المعرفة ودعم وتطوير سياسة الاتحاد الأفريقي لاعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات كدعامة ضامنة لتجنب تجدد الصراعات بعد انتهائها. 

وكذلك معالجة الفوارق الاقتصادية الكبيرة والاختلالات التنموية الحادة من خلال تعزيز المشاريع الاقتصادية الاقليمية التي تخلق فرص العمل وتحد من الفقر وتحجم من تفاقم ظاهرة اللجوء والنزوح . 

وكذلك تشجيع تنسيق السياسات الوطنية في جميع انحاء القرن الأفريقي لمعالجة المسببات الجذرية للصراعات من خلال القضايا مثلا استخدام الأراضي وادارة الموارد .

ومعالجة ازمة اللجوء والنزوح الداخلي في اقليم القرن الافريقي بالتركيز على ايجاد حلول إفريقية بالتعاون مع المجتمع الدولي وذلك انطلاقا من حقيقة ان الغالبية العظمى من اللاجئين الأفارقة موجودون في دول إفريقية .

ومن جانبه آكد الدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات خلال الجلسة الثالثة للمؤتمر ان أفريقيا تشغل اهتمامًا ثابتًا لدى الإعلام ومنظمات الإغاثة ومراكز الأبحاث وصناع القرار على المستوى الدولي.

كما ان القرن الأفريقي يحظى باهتمام نتيجة الأحدث، ولكن على النقيض لا يوجد اهتمام إعلامي بمنطقة وسط أفريقيا إلا عند وجود كارثة.

واضاف ان مصر لديها 77 عامًا من الاهتمام البحثي بالقارة الأفريقية.

كما ان مصر شهدت مبكرًا تأسيس معهد الدراسات السودانية ثم تحول إلى معهد البحوث الأفريقية.

ونشأ فيما بعد مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. كما أن المركز المصري للفكر والدراسات أيضًا من المهتمين بشكل كبير بدراسة الشؤون الأفريقية.

و عند ترؤس مصر للاتحاد الأفريقي في 2019 زاد الاهتمام البحثي بالقارة الأفريقية، والهيئة العامة للاستعلامات انطلقت عن طريق تسع لغات منها خمس لغات أفريقية.

و هناك بعض القنوات الدولية الكبرى ومنها قناة أمريكية تقدم برنامجًا متخصصًا في أفريقيا، ولكن يبقى الاهتمام الإعلامي الأوروبي أكبر خاصة في فرنسا نظرًا لاهتمام فرنسا بمنطقة الساحل والصحراء والإرث الاستعماري لأفريقيا والمرتبط بالقارة الأوروبية.

واضاف ان القرن الأفريقي لم يجد طريقه للاهتمام الإعلامي إلا عند انهيار حكم الرئيس بري في الصومال وانفجار قضية الإرهاب في القرن الأفريقي.

كما ان الأرقام غير مؤكدة بالنسبة للقرن الأفريقي ولكن هناك عشرات الملايين من المعرضين للمجاعة في القرن الأفريقي والقارة الأفريقية.

ولفت إلى أن المنظمات الإغاثية توجه اهتمامها للمجاعة في القرن الأفريقي أكثر من باقي القارة الأفريقية.

ونبه إلى أن التغطية الإعلامية للقرن الأفريقي متأثرة بشكل واضح بمصالح الدول الكبرى في القرن الأفريقي وتظهر الانحيازات بكثافة في هذا الإطار.

وقال : نحن نتحدث بالنسبة للإعلام المصري عن الروابط مع القارة الأفريقية والمصالح المؤكدة مع دول هذه القارة وبالتالي فإن الاهتمام المصري والعربي مطلوب والتغطية الحالية لا تتناسب مع هذه المصالح.

و لابد من وجود كوادر مؤهلة ومدربة في الإعلام المصري للتعامل مع القارة الأفريقية.

صراعات القرن الأفريقي وتداعياتها أفريقياً ومصريا:

وفي كلمته اكد الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ان أهمية الإقليم تنبع من موقعه الرابط بين القارات الثلاث أفريقيا وآسيا وأوروبا، وإطلالته على أهم ممرات الملاحة الدولية، ممّا يجعله ممرًا حيويًا للتجارة الدولية، ونقطة التقاء للعديد من مصالح القوى الإقليمية والدولية. 

و لا يزال الإقليم واحدًا من أفقر مناطق العالم، وأكثرها اضطرابًا، في ضوء ما يشهده من صراعات مُركبة، وأزمات مُتداخلة، وتحديات مُتزامنة.

تتعدد الصراعات التي يواجهها إقليم القرن الأفريقي؛ ما بين صراعات ذات طبيعة أثنية، وصراعات حدودية، وصراعات على الموارد، هذا بالإضافة إلى تنامي ظاهرة الأقاليم الانفصالية.

واضاف ان الصراع في السودان فرض العديد من التداعيات الأمنية أسهمت في زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي، كما فرضّ تحديات أمنية على دول الجوار المباشر، وفي مقدمتهم مصر التي تستضيف أعدادًا متزايدة من اللاجئين الفارين من ويلات الحرب.

وتأتي الأزمات الدبلوماسية لتفاقم من حدة التوترات فيما بين دول القرن الأفريقي، وهو ما تجلى في توقيع مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال، ما يُعد تهديدًا للسيادة الوطنية للصومال ووحدة أراضيها.

وبلغ الاضطراب ذروته بشكل غير مسبوق، منذ نوفمبر 2023 وحتى الآن، جراء ما أفرزته الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من تبعات متمثلة في هجمات الحوثيين على السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل والدول الغربية الداعمة لها.

ونتج عن هذا الاضطراب تداعيات سلبية على إمدادات التجارة الدولية ومسارات سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار الشحن والتفريغ، الأمر الذي ألقى بظلاله أيضًا على أهم الممرات الملاحية الدولية لا سيما قناة السويس.

وقال ان  مؤتمر اليوم يأتي لتفكيك وتفسير الصراعات والأزمات المختلفة التي يشهدها الإقليم، واستشراف تداعيات هذه الصراعات على الأمن الإقليمي والمصالح الاستراتيجية المصرية.  

واضاف إنّ معالجة صراعات وأزمات القرن الأفريقي لا تقع على عاتق دولة واحدة، بل هي مسؤولية جماعية مشتركة يتحملها المجتمع الدولي بأكمله عبر دعم الجهود الدبلوماسية المبذولة لتسوية الصراعات الراهنة في الإقليم، وتبني نهج قائم على الحوار والوساطة، ومعالجة الأسباب الجذرية لهذه الصراعات.

واشار إلى ان مستقبل القرن الأفريقي يعتمد على قدرتنا على التعاون معًا لمعالجة هذه الصراعات والأزمات المركبة، لذا دعونا نعمل معًا لبناء مستقبل أفضل لشعوب القرن الأفريقي.

 

وفي كلمته قال حسام ردمان زميل الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية انه توجد مجموعة من الفاعلين المسلحين من دون الدول والجماعات الجهادية النشطة في منطقة القرن الأفريقي والدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وأوضح ان اليمن والقرن الأفريقي أصبحا وحدة جيوسياسية واحدة، والتجربة الحوثية منذ السابع من أكتوبر 2023 أظهرت مدى تجذر التصعيد الإقليمي في ذهنية هذه الحركة، بل أصبحت ذات مشروع إقليمي ومرتبطة بمشروع إقليمي.

ومن الواضح أن الحوثيين هو التنظيم الصاعد حاليًا، لا سيما وأن التنظيم بات لديه قدرة كبيرة على التكيف مع الضربات الأمريكية البريطانية، ومع احتدام التصعيد الإقليمي يتوقع أن تزداد الهجمات الحوثية وأن يكون هناك المزيد من التصعيد.

و ربما يتجه الحوثيون إلى زيادة المدى الجغرافي لعملياتهم لتشمل البحر الأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، وسينبني ذلك على نوع من التعاون مع فصائل مسلحة في العراق، لكن هذا المسعى يصطدم بعدم وجود أسلحة مناسبة لذلك، وربما يكون الحل في اللجوء للأسلحة عبر حركة الشباب.

وأوضح ان  تنظيم القاعدة يواجه في اليمن حاليًا مرحلة تحول شديدة النوعية، ترتبط بتغير القيادة المركزية للتنظيم وزيادة حالة الارتباط بين التنظيم وإيران، وكذا العديد من الإشكالات البنيوية. وتطرح كل هذه الاعتبارات تساؤلات مرتبطة بطبيعة النهج العملياتي الذي سيتبناه التنظيم في الفترات المقبلة.

كما ان حركة الشباب الصومالية، توازن بين أجندتها المحلية، والتي تريد السيطرة على القدر الأكبر من الأراضي الصومالية وإضعاف الحكومة الصومالية، وبين الأجندة العالمية لتنظيم القاعدة وكونها أحد أفرعها.

وقال انه من المؤكد أن هناك حالة ارتباط وتعاون متنامية بين حركة الحوثيين في اليمن من جانب وحركة الشباب في الصومال من جانب آخر.

وان تنظيم داعش يجاهد حاليًا من أجل إعادة إحياء نفسه، وهو يراهن في بعض الدول كالصومال وبالتحديد في بونتلاند على إيجاد موطئ قدم.

ولفت إلى أن هناك تشابكات كبيرة بين الحركات الإرهابية في الصومال واليمن، لكن تنظيم القاعدة وحركة الشباب في حالة تنافس كبير مع داعش.

دائرة امن قومي :

من جهته قال اللواء محمد إبراهيم الدويري خلال الجلسة الأولى للمؤتمر أن  القارة الأفريقية تمثل  بشكل عام وخاصة منطقة القرن الأفريقي دائرة أمن قومي مصري أساسية ومباشرة. 

موضحا أن التحركات المصرية في القارة الأفريقية ليست ثانوية، ولكنها أساسية نظرًا لتأثيرها المباشر على الأمن المصري. 

وقال انه على الرغم من انشغال مصر بالكثير من التوترات الإقليمية التي تتسم بتفاعلات كبيرة وعنيفة، إلا أن التحركات المصرية المرتبطة بالقرن الأفريقي مهمة للغاية وذات أولوية.

و من المهم الإشارة إلى أنه لا يمكن الحديث عن أسباب الصراع في القرن الأفريقي دون وضع مجموعة من الآليات لمواجهتها.

و دارت الجلسة حول “تفكيك الصراعات المركبة في القرن الأفريقي”، وتسعى إلى المزج ما بين 5 عناصر أساسية وهي؛ المشاكل الإثنية في القرن الأفريقي، ومشاكل الحدود، والإرهاب في المنطقة، والسياسيات المائية الإثيوبية وتأثيرها على الأمن المصري، وأخيرًا دور التدخلات الخارجية في القرن الأفريقي ومدى تأثير تلك التدخلات على تأجيج هذه الصراعات.

وشدد على انه لا توجد أزمة في العالم بشكل عام وفي المنطقة الأفريقية بشكل خاص يحدث فيها تدخل أجنبي إلا وأسهم هذا التدخل في زيادة وتفاقم التوترات.

 من جهته قال الدكتور أحمد أمل ان الصراعات الإثنية واحدة من القضايا المهمة في القرن الأفريقي وان خريطة الصراعات الإثنية تشمل كل دول الإقليم، فهي صراعات حاضرة داخل كل دولة من دول الإقليم.

و ان هناك أنواعا عديدة من الصراعات منها: صراعات إثنية انفصالية، وصراعات إثنية وجودية، وصراعات إثنية يحضر فيها البعد القومي، وصراعات إثنية قائمة العرق. 

و تعدد أشكال الصراع الإثني أدى الى تفاقم تلك الصراعات وبالتالي تعثر تسويتها لوجود أسباب جذرية من الصب حلها.

وأشار إلى أن الصراعات الإثنية في القرن الإفريقي شديدة التعقيد، وهناك حاجة لفهم هذه الصراعات بشكل أفضل وسبب استمرارها وانتشارها إلى الآن.

واضاف ان الوصول لتفكيك صراعات القرن الأفريقي يحتاج المزيد من الجهد، ولابد من إفساح المجال للآليات التقليدية لإفراز سلام أهلي بين المكونات المجتمعية.

كما ان التقسيم الرديء المتعمد وغير المتعمد لحدود الدول الأفريقية أدى إلى كونها مجرد تقسيمات على الأرض ولا تعبر عن الأمة، وهو ما فاقم الصراع في القرن الأفريقي.

وأوضح ان مسلك الدول الكبرى تجاه منطقة القرن الأفريقي جعلها واحدة من أهم ساحات التنافس الدولي، وهو ما نتج عنه صراعات مستمرة إلى الآن.

ونبه إلى أن الصراعات الإثنية في القرن الافريقي ليست مشكلة مستوردة فحسب، بل لها أسباب داخلية متعددة، منها أن خصوصيات هذا الإقليم أفرزت أحداثًا سياسية كانت قوية وفاعلة.

وان مشروعات الكيانات الأساسية في القرن الأفريقي كانت نابضة وقوية، وهو ما ترك أثرًا قويًا على القرن الافريقي.

و كان من المتوقع أن يسهم استقلال الصومال والسودان وكينيا في وجود نماذج وطنية للتعايش ومن ثم وجود دولة قوية ولكن ما حدث أن المنطقة شهدت مجموعة كبيرة من السياسيات العنيفة والإقصائية.

التدخلات الخارجية :

وفي تعقيبها على مادار في الجلسة الاولى للمؤتمر قالت الوزيرة سها الجندي وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج ان المؤتمر الذي ينظمه المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اليوم يأتي في إطار لعب المركز دوره كأحد أهم مراكز الفكر في مصر والقارة الأفريقية كافة.

وان المؤتمر ضم كوكبة من المتميزين والمتخصصين في الشأن الأفريقي، وخاصة المتحدثين الذين سلطوا الضوء من خلال مداخلاتهم على المشهد في القرن الأفريقي المحتد للغاية بما في ذلك التركيز على الصراعات الإثنية، وعلى الإرهاب، وعلى الصراعات الحدودية.

واوضحت ان  عامل “التدخلات الخارجية” في السياسة الداخلية لدول القرن الأفريقي يعد العامل الأهم على الإطلاق في زيادة الصراعات، خاصة في ظل تدخلات ليس فقط من الدول الغربية ولكن أيضًا من الدول الإقليمية والعربية، والتي تسهم في زيادة الصراعات وتعقد المشهد. 

ومن المهم الإشارة إلى ضرورة ألا نكون جزءًا من تقييم المشهد فقط ولكن أيضًا علينا أن نكون جزءًا من الحلول في المستقبل.

وقالت : علينا أن نعمل على الوصول إلى حل حقيقي، وأن نحاول ألا نترك أي دول خرجت من النزاع في مهب الريح وعرضة للتهديدات والتدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية، خاصة في ظل احتدام الوضع بالنسبة لتلك الدول بعد خروج من الصراع، وذلك في ظل دورنا في حماية القارة شديدة الثراء.

واوضحت ان مصر عندما تولت رئاسة الاتحاد الأفريقي شهد الجميع أنها كانت العراب الأمين، وحاولت دائمًا الوصول إلى حلول للصراعات الأفريقية. 

و في نفس الوقت، الكثير من الدول في القرن الأفريقي ترى أن مصر صاحبة مصلحة، ولذلك من المهم أن نوازن بين دورنا القيادي وبين مصالحنا السياسية.

وشددت على ان “التنمية والسلام” هما الحلان لكافة الصراعات الإقليمية، وفي ذلك الإطار، هناك حاجة شديدة لتدخل مصر أخذًا في الاعتبار إمكانياتها لتكون جزءًا من الحل لأي دولة خارجة من صراع في المنطقة أو خارجها.

اثيوبيا والترويج لسد النهضة :

من جهته قال السفير إيهاب مصطفى عوض مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية خلال الجلسة الأولى للمؤتمر ان  هذا المؤتمر يعقد في توقيت مهم للغاية، فهناك حاجة لتكاتف قوى الدولة المصري لإيجاد مقاربة مشتركة وطنية للتعامل مع التحديات التي يفرضها الواقع في منطقة القرن الأفريقي على الأمن القومي المصري.

وقال انه يجب الانتباه إلى أن هذه المنطقة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بطرق الملاحة البحرية وبخطط نقل المعادن الثمينة من المناطق الداخلية في أفريقيا إلى أقرب الموانئ الآمنة في آسيا والصين وأوروبا والولايات المتحدة.

كما تقع منطقة القرن الأفريقي في بؤرة اهتمام القوى الخارجية فيما يتعلق بمستقبل بناء وتشغيل هذه الممرات الاستراتيجية الاقتصادية.

وقال ان خريطة القوى الخارجية معقدة، وليست بعيدة عن البعد الاستراتيجي والاقتصادي والأمني لمنطقة القرن الإفريقي.

و ان هناك إرهاصات تتمحور حول “سيناريو اليوم التالي” للقضاء على التهديد الحوثي من خلال ترتيبات أمنية في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي بمشاركة دولية.

وأوضح ان أسلوب التواجد وأدوار القوى الخارجية يأخذ أشكالًا مختلفة، إما عبر إدارة الموانئ والمناطق اللوجستية، أو عبر إقامة قواعد عسكرية، أو من خلال مشروعات تنموية ومساعدات إنسانية.

ونبه إلى أن اثيوبيا تستغل تواجد القوى الخارجية في منطقة القرن الأفريقي من خلال استعراض الفكر الإثيوبي في تسويق سد النهضة كمولد رئيسي للطاقة والكهرباء في هذه المنطقة.

وان القوى الغربية دائمًا ما تبحث عن وكيل لها لتأمين مصالحها في منطقة القرن الأفريقي، وإثيوبيا كانت من أوائل الدول التي قدمت نفسها كواحة للاستقرار السياسي والعسكري الأفريقي. وعندما تتعارض مصلحة مصر مع هذا الوكيل، فإن هناك تحديًا حقيقيًا يتعلق بالأمن القومي المصري.

واضاف انه أثناء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، كانت هناك ريادة لسياسة الاتحاد الافريقي لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، ويجب أن تتم إعادة تقديم هذه السياسة لمعالجة جذور الصرعات.