صحيفة ليبية شاملة
الدوليةالعربية

امام اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري : ابو الغيط يناشد كافة الأطراف الليبية للعودة إلى الحوار البنّاء تحت مظلة بيت العرب لتجاوز الخلافات واتمام المصالحة الوطنية الشاملة وإجراء الانتخابات

في يوم 10 سبتمبر، 2024 | بتوقيت 1:31 م

 

هالة شيحة 

اعرب الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط  عن الأسف والقلق مما آلت إليه التطورات مؤخراً في ليبيا التي وصفها بالبلد العربي العزيز موضحا ان  الانقسام  لا يلتئم وإنما تتسع الهوة بين الشرق والغرب وتتصلب المواقف بصورة لا تخدم وحدة ليبيا، ولا وحدة مؤسساتها بما في ذلك تلك المؤسسات  التي يستفيد منها المواطن الليبي في كافة أرجاء الوطن.

وناشد ابو الغيط  خلال كلمته امام اجتماع الدورة ال١٦٢ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب الذي انطلقت أعماله اليوم برئاسة وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، ناشد الأطراف الفاعلة في ليبيا أن تضع مصلحة الشعب والحفاظ على مقدراته نصب أعينها ، داعيا كافة الأطراف للعودة للحوار البنّاء تحت مظلة بيت العرب لتجاوز الخلافات، تمهيداً لإتمام المصالحة الوطنية الشاملة وإجراء الانتخابات التي طال انتظارها.

وعلى صعيد القضية الفلسطينية اكد ابو الغيط إن وقف إطلاق النار اليوم في قطاع غزة  لم يعد مطلباً عربياً.. بل هو مطلب عالمي يحظى بإجماع مشهود، وهو ضرورة إنسانية وأخلاقية ، وهدف استراتيجي لتجنيب  المنطقة شرور حرب موسعة ليست احتمالاتها ببعيدة… بل إن شراراتها تلوح في أفق المنطقة منذرةً بالخراب للجميع بغير استثناء.

وقال ابو الغيط في كلمته : نقترب هذه الأيام من مرور عام كامل على العدوان الوحشي على أهلنا في غزة، وفي فلسطين كلها.. عام من الإجرام.. عام من الإبادة والتطهير العرقي، الذي يتبجح ولا يختبئ… يُباهي بالجريمة ويُفاخر بالعار..غير عابئ بحساب أو عقاب… عام قُتل فيه 17 ألف طفل.. 17 ألف طفل و11 ألف امرأة.

هو أيضاً عام من عجز المجتمع الدولي عن وقف المذبحة.. بل وإسهام بعض القوى الغربية – لا سيما مع بداية العدوان– في تقديم مظلة أمان للإجرام لكي يتمادى، وغطاء سياسي للقتل لكي يتواصل.. بل ويتوسع من غزة الصامدة إلى جنوب لبنان إلى الضفة الغربية، ففي الضفة وحدها ارتقى سبعمائة شهيد منذ السابع من أكتوبر.. ناهينا عن الدمار والخراب والخسائر الهائلة.

ونبه ابو الغيط إلى إن القوة الكبرى في عالم اليوم إما لا ترغب في ممارسة الضغط على الاحتلال، وإما أنها لا تستطيع إيقاف هذه البلطجة والوحشية، لقد مرت شهور قبل أن تنطق دول بعينها بكلمة وقف إطلاق النار… وعندما أدركوا فداحة الجريمة وطالبوا بوقف الحرب، كان الوقت قد تأخر… وصار المعتدي واثقاً من أن أحداً لن يراجعه، وأنه فوق القانون.. وفوق المساءلة.. وفوق العدالة الدولية، سواء محكمة العدل أو المحكمة الجنائية.. وفوق الأمم المتحدة وقراراتها… بل وفوق مجلس الأمن وما يصدر عنه من قرارات تدعو بوضوح لوقف إطلاق النار. 

واضاف ابو الغيط انه اذا كان الاحتلال يُمارس الإجرام من أجل الانتقام فهو مُدان بالقتل ومُجرد من الإنسانية.. ولكن الهدف يتعدى الانتقام، والغاية أبعد من مجرد الإخضاع والترويع… لدى الاحتلال وهمٌ بأنه باقٍ أبد الدهر… وأنه سيلتهم الأرض مجردة من سكانها.. لذلك فإن أجندته الحقيقية تتخفى خلف حجة الأمن التي يخاطب بها العالم.. هي أجندة قوامها تصفية القضية وضم الأراضي وتحقيق التطهير العرقي والتهجير.

ولفت ابو الغيط إلى إن التصريحات الرسمية بشأن التطهير والإبادة ليست من اختراعنا.. وهي مسجلة ولن تُنسى أو تُمحى من الذاكرة.. أما نوايا التهجير القسري فمؤكدة، والعمل على تحقيقه متواصل.. بل هو يشمل غزة والضفة معاً.. ويُمارَس كل يوم في صورة تهجير قسري داخلي يُطلقون عليه مُسمى مخففاً هو “أوامر الإخلاء”. 

وقال : لقد تصدينا جميعاً -متضامنين وبصوت واحد- لهذه المخططات، وسنستمر في مواجهتها وإحباطها، باللسان وبالعمل… نفضحها في العالم كله ليعرف بنوايا الاحتلال ومراميه.. ونعمل بشكل متواصل على دعم صمود الفلسطيني على أرضه… الفلسطينيون يبذلون دماءهم في هذا الصمود البطولي النبيل.. وأقل ما نقدمه هو أسباب الدعم والإسناد لهذا الصمود الذي هو – في واقع الأمور- جوهر قضية فلسطين ومعناها وامتدادها الباقي على الأرض… لقد ارتقى أكثر من 41 ألف شهيد ولكن هناك ستة ملايين باقون على أرض فلسطين، ولا يُمكن إخراجهم منها.

واضاف : لقد تحركنا، خلال الشهور المنصرمة على أكثر من صعيد في حملة دبلوماسية مكثفة، قادتها اللجنة الوزارية العربية الإسلامية برئاسة المملكة العربية السعودية… اقتربت المواقف في العالم من مواقفنا بالتدريج… ووجدنا الحكومات تُبدّل من لغتها.. والاعتراف بالدولة الفلسطينية تتوسع رقعته.. والشعوب تُعبر عن رأيها في ظلمٍ إنساني لا ينكره سوى من تجرد من الضمير وانسلخ من الإنسانية.

وشدد ابو الغيط على انه يتعين مواصلة  الجهد.. مع الشركاء المقتنعين بعدالة القضية.. والساعين إلى تجسيد حل الدولتين على الأرض، وليس فقط الترويج له بالكلام.

وقال إن وقف إطلاق النار اليوم لم يعد مطلباً عربياً.. بل هو مطلب عالمي يحظى بإجماع مشهود… هو ضرورة إنسانية وأخلاقية.. وهدف استراتيجي لتجنيب هذه المنطقة شرور حرب موسعة ليست احتمالاتها ببعيدة… بل إن شراراتها تلوح في أفق المنطقة منذرةً بالخراب للجميع بغير استثناء.

و مع ذلك كله، نرى الاحتلال مستمراً في غيّه… مُمعناً في الهرب إلى الأمام عبر اختراع الأكاذيب واعتماد أساليب التلفيق المكشوف… يدّعي رئيس حكومة الاحتلال أن “محور فيلادلفي” هو ما يُعطل صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار.. والحقُ أن رفض وجود قوات الاحتلال على الحدود بين مصر وقطاع غزة هو موقف مصري مدعومٌ عربياً بشكل واضح.. ويتأسس على رفض إعادة فرض الاحتلال على القطاع، ورفض اقتطاع أجزاء منه.. وقد صار واضحاً اليوم للجميع أن نتنياهو غير مستعد لإبرام صفقة لأنه لا يريد دفع المقابل .. لا يريد وقف هذه الحرب العدوانية حتى بهدف إنقاذ أبناء شعبه الذين صار أغلبهم واعين بحقيقة مراوغاته وأجندته المكشوفة.. ونسمعه يقول بالأمس القريب إنه من دون السيف لا يمكن العيش في الشرق الأوسط… ونقول له لن يكون أمام إسرائيل بعد كل هذا القتلوالتدمير سوى أن تقبل بدولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل… فالسيف لن يحل المشكلة، والترويع لن يُجدي مع الشعب الفلسطيني البطل.

وتابع ابو الغيط : ان الجرح المفتوح في فلسطين لا يحرف أنظارنا عن جراح مفتوحة في أوطان عزيزة علينا.. فلا زال السودان يعيش أزمة قد تكون هي الأشد وطأة من الزاوية الإنسانية… التسوية السياسية ووقف الاحتراب ما زالت أهدافاً بعيدة المنال.. والأزمة مستحكمة.. وجاءت كارثة الفيضانات والسيول لتضيف مزيداً من الألم إلى المعاناة القائمة.. لقد تضررت نحو 32 ألف أسرة في 13 ولاية من ولايات السودان.. وقال مدير منظمة الصحة العالمية في زيارته لبورتسودان قبل يومين إن النظام الصحي في المدينة على وشك الانهيار.. لقد بات الأمر يحتاج من الجميع -دولاً ومنظماتٍ- إلى تكاتف عاجل مع السودان وأهله لتجاوز هذه المحنة الإنسانية التي يعيشها الشعب على أكثر من صعيد.. فالأزمة الغذائية في هذا البلد هي الأسوأ على مستوى العالم.. وأوضاع النازحين بالغة الهشاشة.. ولا يجب أبداً أن يُترك السودان وحده في مواجهة هذه النوازل.

وشدد ابو الغيط على ان  القضايا كثيرة … والمرحلة التي تمر بها أمتنا حاسمة ولا تحتمل سوى التضامن والتآزر والعمل المشترك.

………..