صحيفة ليبية شاملة
افريقياالعربية

المنتدى الثاني لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية : توحيد الجهود في مواجهة التحديات الامنية وتعزيز التعاون من اجل تنمية مستدامة

في يوم 21 فبراير، 2025 | بتوقيت 1:17 م

 

الرباط – هالة شيحة
شكل انعقاد المنتدى الثاني لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية في العاصمة المغربية الرباط دفعة قوية لتعزيز الدبلوماسية البرلمانية في مواجهة التحديات الراهنة التي تواجه القارة الأفريقية وفي صدارتها الارهاب والنزاعات المسلحة والأزمات المناخية والهجرة .
وفي مواجهة تلك التحديات الجسام التي تهدد الأمن والسلم في القارة السمراء .
حيث أكد المشاركون في المنتدى في بيانهم الختامي للمنتدى على أهمية تعزيز التعاون الإفريقي-الإفريقي من خلال مشاريع اقتصادية كبرى وتكامل إقليمي يساهم في تحقيق التنمية المستدامة والسلم داخل القارة.

كما شدد رؤساء اللجان البرلمانية على ضرورة توحيد الجهود في مواجهة التحديات الأمنية، من خلال التصدي للإرهاب والتطرف العنيف، والالتزام بالتسوية السلمية للنزاعات، مع التأكيد على رفض أي محاولات انفصالية تهدد وحدة الدول الإفريقية.
وأبرز المشاركون أهمية العمل المشترك من أجل العدالة المناخية، والترافع لتصحيح الصور النمطية حول الهجرة الإفريقية في المحافل الدولية.


وتعزيزا للتعاون البرلماني الإفريقي، أعلن المشاركون عن إحداث منتدى “رؤساء ورئيسات لجان الخارجية في البرلمانات الوطنية الإفريقية”، كإطار دائم لتنسيق المواقف وتبادل الخبرات البرلمانية بين دول القارة، بما يعزز الاستقرار والتنمية المشتركة.
كما عبروا عن تقديرهم للمملكة المغربية على استضافة هذا الاجتماع، الذي يعكس التزامها بالمبادرات الإفريقية الداعمة للوحدة والتعاون المشترك.

وكان السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، قد أكد في كلمته امام جلسة افتتاح المنتدى أن السياسة الخارجية للمملكة في إفريقيا “تقوم على مبدأ أساسي، وهو التفاؤل الإفريقي”، مشددا على أن “المغرب يرفض الانتهازية والقيادات الزائفة التي تنصّب نفسها بنفسها وتعتقد أن بإمكانها التقليل من الدول الإفريقية”، مسجلا أن “المغرب يثق في قدرات وإمكانيات إفريقيا مقابل تشاؤم الكثيرين”.
وقال بوريطة أن المغرب “جعل من القارة الإفريقية حجر الزاوية في صرح سياسته الخارجية، مؤمنا برؤية شمولية قوامها النهوض بالسلم واستتباب الأمن، وتشجيع التنمية، واحترام الوحدة الترابية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والحث على مبادئ حسن الجوار، والدعوة إلى تجنب إيواء أو تحريض الجماعات الإرهابية والانفصالية التي تهدد استقرار إفريقيا”.
كما اكد ان الرباط ترى الفرص في القارة في الوقت الذي يرى فيها الكثيرون المشاكل ، لافتا إلى أن المغرب يرجح الحلول المستدامة في إفريقيا، وإن كانت صعبة وطويلة المدة؛ بينما يكتفي الكثيرون بالحلول السهلة”.
وأوضح ان التزام المغرب بشأن العمل في إفريقيا هو التزام بالعمل وليس بالشعارات، مذكرا بأن “الملك محمدا السادس يصر في خطاباته على روح المبادرة والإحساس العالي بالمسؤولية، ويؤكد أنه لن نتمكن من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية؛ إلا إذا جمعنا روح المبادرة والمرونة.
ونوه بوريطة في كلمته، بالخطاب الملكي الذي وضّح أن “إفريقيا بالنسبة للمملكة أكثر من انتماء جغرافي وأكثر من ارتباط تاريخي هي مشاعر صادقة من المحبة والتقدير روابط إنسانية وروحية عميقة وعلاقات تعاون مثمر تضامن ملموس، وهي الامتداد الطبيعي والاستراتيجي للمملكة”، مبرزا أن القارة “تحظى بمكانة متقدمة ضمن السياسة الخارجية للمغرب”.

كما أشار إلى “توظيف المملكة المغربية لإمكانياتها ومواردها لخدمة القارة في إطار تعاون جنوب-جنوب كآلية ناجعة بهدف تحقيق التنمية المستدامة في إطار تقوية الرؤية الاستراتيجية الشاملة، على أن يكون قوامها تعزيز القدرات في كافة الميادين وتعزيز السلم والأمن الاستقرار والتكامل الاقتصادي”، موضحا أن “السياسة الإفريقية للمغرب هي سياسة انتماء”.
وتابع بوريطة : “الرباط لا ترى القارة كجسم خارجي، وليست جوارا؛ ولكنها هوية وانتماء جغرافي وثقافي.. وما يمس إفريقيا يمس المغرب وتنمية بلادنا تعتمد على إفريقيا لأننا جسم واحد، مضيفا أن “المغرب مقتنع بالتلازم العضوي بين ثلاثية الأمن والسلم والتنمية. والمقاربة الأمنية المحضة، وإن كانت ضرورية، لا تكفي بذاتها لمجابهة التحديات المعقدة لقارتنا، ومن ثم الحاجة إلى رؤية شمولية تدمج الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لضمان سلم وازدهار دائمين”

ومن جانبه أكد رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي أن التحديات و الرهانات التي تواجه القارة الإفريقية تقتضي تفعيل الإرادة السياسية المشتركة للبلدان الإفريقية وتحويل الطموح إلى سياسات ومشاريع ومنجزات.
وأوضح الطالبي العلمي، أن حالة اللايقين في النظام الدولي، وازدهار الأنانيات الوطنية والمحاور عبر العالم، يفرضان على الدول الإفريقية أن تأخذ مصيرها بيدها من أجل تحقيق طموحات شعوبها وحقها المشروع في التقدم والرخاء والازدهار.
ولفت إلى أن التطرف والإرهاب، يزدهران في سياقات الفقر، والانفصال يهدد بتفكك الدول وبالتمدد، والتماهي معه، خطر على الجميع »، مشددا على أن قوة الدولة الوطنية الإفريقية ضرورة تاريخية، والشراكات مع باقي القوى العالمية تحتاج إلى وحدة الموقف، وإلى اقتصادات قوية وإلى ترسيخ وتقوية الشراكات جنوب – جنوب وفق منطق الربح المشترك.
ولفت إلى أنه رغم اختلاف وتنوع المنتديات البرلمانية الإ فريقية، إلا أن التحديات التي تواجه القارة الإفريقية وأزماتها، هي نفسها المطروحة منذ سنوات، رغم التقدم المحرز على أكثر من صعيد، خاصة في المجال المؤسساتي والاقتصادي، معربا عن يقينه بأن النهضة الإفريقية قابلة للتحقق إذا ما تم توحيد الجهود وتجاوز عوامل الكبح.
وأشار العلمي إلى أن من مؤشرات هذا الأمل أن القارة الإفريقية، رغم الظروف الموضوعية، والسياق الدولي غير الملائم، ستحقق معدل نمو يقدر بـ 4.3 في المائة عام 2025، مقابل 3.7 في المائة خلال سنة 2024، وأن 24 دولة إفريقية سيتجاوز معدل النمو بها 5 في المائة.
وحذر، في المقابل، من أن هذا التقدم على الصعيد الاقتصادي القاري، وعلى مستوى البناء المؤسساتي، لا ينبغي أن يصرف الانتباه عن « حجم التحديات الكبرى التي تواجه القارة، بما في ذلك المؤشرات الاجتماعية والبيئية المقلقة التي تضمر أوضاع لا تسعف الإقلاع الاقتصادي المأمول، والتماسك الاجتماعي الضروري للاستقرار ».
وفي هذا السياق، لفت رئيس مجلس النواب إلى أن هذه التحديات تتجلى في « عودة تناسل النزاعات، الداخلية أساسا، في بعض بلدان القارة »، موضحا أنه رغم تجاوز الكلفة السياسية والاستراتيجية للحرب الباردة، التي لم تكن حربها، وإنجاز العديد من الانتقالات السياسية مقرونة ببناء مؤسساتي واعد، عادت النزاعات في بعض الحالات، لتجثم على الأوضاع في بعض البلدان.
وأضاف أن « هذا التحدي يتغذى ويغذي أحيانا، نزعات الانفصال ومحاولات تقويض الوحدة الترابية للدول وسيادتها »، معربا عن أسفه لكون « هاذين التحديين يلتقيان أحيانا، ويتواطئان في أحيان أخرى، مع ظاهرة الإرهاب المقيت والتطرف العنيف، مما يقوض الاستقرار في عدد من المناطق. ولا يكتفي الإرهاب والانفصال بإيذاء الناس وترويعهم وتهجيرهم، بل يسعيان إلى تقويض الاستقرار ونشر الفوضى، وتعميم حالة اللادولة والتمدد خارج سياقهما الجغرافي، ووضع اليد على المقدرات الطبيعية للأمم ».
وعلى المستوى الاقتصادي، أوضح الطالبي العلمي أن القارة الإفريقية تواجه تحدي انعكاسات الاختلالات التي تكلف إفريقيا كثيرا جراء الجفاف، والتصحر، وانجراف التربة، والفيضانات، مشيرا إلى أن هذه الأوضاع « تمثل تحديات جديدة، ومنها الفقر والنقص في الغذاء، والتبعية الغذائية والهجرات، والنزوح واللجوء؛ والأخطر من ذلك أنها تنتج حالات إحباط ويأس ».
وشدد على « ضرورة عدم تجاهل مؤشرات النجاح، وحالات البناء المؤسساتي القاري والجهوي، وقدرة العديد من البلدان الإفريقية على تحقيق انتقالات ديموقراطية حقيقية، بكل استقلالية، وبالاعتماد على الذات، وعلى مشاركة مواطنيها وتعبئتهم ».
وتطرق إلى المؤهلات والإمكانيات التي تزخر بها القارة الإفريقية، مشيرا إلى « الديناميات الاقتصادية والسياسية المتزايدة التي تشهدها إفريقيا ومنها الدور المتزايد للاتحاد الافريقي، كإطار للعمل الإفريقي المشترك، ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتكتلات الاقتصادية الجهوية الإفريقية التي تعتبر إطارا للتعاون والمبادلات الاقتصادية، مع استثناء واحد في شمال القارة.
وأوضح أن « ثمة مبادرات أخرى واعدة واستراتيجية مطروحة على أرض الواقع، ومنها مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية، إلى جانب مبادرة تمكين بلدان الساحل الافريقية من الولوج إلى المحيط الأطلسي، اللذين أطلقهما صاحب الجلالة الملك محمد السادس، واللتان تتكاملان مع مشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، مرورا بـ11 بلدا إفريقيا.