
ليبيا اليوم
كشف الدكتور سيف الإسلام القذافي، عن تفاصيل جديدة تتعلق بسلسلة من المحاولات التي قادها مقربون من الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، لإقناعه بالتراجع عن شهادته أمام القضاء الفرنسي في قضية التمويل الليبي لحملة ساركوزي الرئاسية لعام 2007.
وأوضح الدكتور سيف الإسلام أنه أدلى رسميًا بشهادته في عام 2018 أمام القاضي الفرنسي سيرج تورنير، المكلّف بالتحقيق في قضية التمويل غير المشروع، مشيرًا إلى أن شهادته تضمنت تفاصيل دقيقة حول الأموال التي قُدمت من الدولة الليبية لدعم حملة ساركوزي الانتخابية مقابل وعود سياسية واقتصادية لم تنفذ لاحقًا.
وأضاف أنه بعد تقديم شهادته، بدأت سلسلة من المحاولات للضغط عليه لتغيير أقواله أو التراجع عنها، حيث جرت أولى هذه المحاولات عام 2021 من خلال سهى البدري، وهي مستشارة إعلامية مقيمة في باريس، عرضت عليه – نيابة عن مقربين من ساركوزي – أن يتراجع عن تأكيده لدعم ليبيا المالي للحملة الانتخابية، مقابل وعود بالمساعدة في إغلاق ملف المحكمة الجنائية الدولية ضده وإنهاء ملاحقته القضائية.
وفي عام 2022، برز وسيط جديد من ساحل العاج يُدعى نويل دوبوس، حاول التواصل عبر شقيقه هنيبال القذافي المحتجز في بيروت، حيث عرض الإفراج عنه مقابل أن يقوم سيف الإسلام بتعديل إفادته لصالح الرئيس الفرنسي الأسبق، في محاولة جديدة لاستمالته وإقناعه بالتراجع عن موقفه.
وتابع الدكتور سيف الإسلام أن محاولة ثالثة أكثر جرأة وقعت في فبراير من العام الجاري، عندما تحركت محامية فرنسية من أصول جزائرية تُدعى منيرة بركة، حيث سافرت إلى تونس والتقت شخصًا مقربًا منه على اتصال مباشر به، حاملة عرضًا مغريًا من أطراف فرنسية على صلة بساركوزي.
وأوضح أن العرض تمثّل في إطلاق سراح شقيقه هنيبال القذافي من السجون اللبنانية، وشطب اسمه من قائمة المحكمة الجنائية الدولية، ورفع العقوبات الأوروبية المفروضة عليه، مقابل تغيير إفادته أمام القضاء الفرنسي أو تخفيفها بما يخدم موقف ساركوزي في القضية.
وشدّد القذافي على أنه رفض جميع هذه العروض والمساومات رفضًا قاطعًا، مؤكدًا تمسّكه بشهادته التي قدّمها أمام القضاء الفرنسي، ومشيرًا إلى أن الحقيقة لن تُمحى أو تُشترى مهما كانت الإغراءات.
وفي تفاصيل التمويل، أوضح الدكتور سيف الإسلام أن الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي تسلّم 2.5 مليون دولار نقدًا من ليبيا لدعم حملته الانتخابية عام 2007، مقابل وعود بتوقيع اتفاقيات اقتصادية وتنفيذ مشاريع استراتيجية لصالح الدولة الليبية.
وأضاف أن مبلغًا مماثلًا تم تسليمه لاحقًا لعائلة ساركوزي في إطار تسوية قضية تفجير الطائرة الفرنسية DC10 عام 1989، والتي تضمنت إزالة أسماء مسؤولين ليبيين من قوائم الإنتربول.
وأكد أن عملية التسليم جرت عبر بشير صالح، الذراع المالية للزعيم الراحل معمر القذافي، الذي نقل الأموال نقدًا في حقائب وسلّمها مباشرة إلى كلود غيان، مدير مكتب ساركوزي آنذاك.
وروى الدكتور سيف الإسلام واقعة طريفة حدثت خلال التسليم، حين اضطر غيان – بحسب قوله – إلى الوقوف فوق الحقيبة لإغلاقها بسبب امتلائها بالدولارات.
وختم الدكتور سيف الإسلام القذافي بالقول إن القضية لم تكن مجرد تعامل مالي بل جزء من “عهد سياسي أخلاقي نُكث”، مؤكدًا أن العدالة الفرنسية اليوم تواجه لحظة تاريخية فاصلة، وأن ما كان يتم في الخفاء بدأ يظهر إلى العلن بعد أن انكشفت الحقائق وبدأت المحاكم الفرنسية تحاسب من كانوا بالأمس في موقع السلطة.



