
هالة شيحة
جدد وزير الدولة للاتصالات والشؤون السياسية وليد اللافي اليوم الدعوة لوزراءَ الإعلامِ العرب إلى المشاركةِ في فعالياتِ “أيامِ طرابلسَ”،المقررة الشهر المقبل وإلى حضورِ الافتتاحِ الكبيرِ للمتحفِ الوطنيِّ الليبيِّ،
الذي يُعيدُ تقديمَ سرديةِ ليبيا وتاريخِها وهويتِها بروحٍ حديثةٍ.
كما دعاهم لحضورِ “منتدى الحوارِ الإعلاميِّ العربيِّ”
الذي تُنظِّمه الأمانةُ العامةُ لقطاعِ الإعلامِ والاتصالِ في جامعةِ الدولِ العربيةِ ضمنَ فعالياتِ “أيامِ طرابلسَ”.
وقال اللافي مخاطبا وزراء الإعلام العرب : إنَّ حضورَكم ليس مشاركةً بروتوكوليةً،
بل رسالةَ دعمٍ لمدينةٍ تُحاولُ أن تستعيدَ مكانتَها كعاصمةٍ عربيةٍ نابضةٍ بالحياةِ والثقافةِ.
وقال اللافي في كلمته امام الدورة ال55 لمجلس وزراء الاعلام العرب التي انطلقت اليوم بمقر الامانة العامة لجامعة الدول العربية :
أقفُ أمامكم اليومَ في القاهرةِ، في هذا البيتِ العربيِّ الكبيرِ، محمّلًا بروحِ ليبيا التي لطالما آمنت بأنَّ نهضةَ العربِ تبدأ من هنا… من طاولةٍ تجمعُنا على كلمةٍ سواء، لا على مساحةٍ جغرافيةٍ نتشاركُها فقط، بل على هَمٍّ مشتركٍ ومستقبلٍ واحدٍ.
وتابع :
لا تبدأُ كلمةٌ في أيِّ محفلٍ عربيٍّ قبل أن تُستحضَرَ فلسطينُ.
فهي ليست بندًا أوّلَ في جدولِ الأعمالِ…
بل هي البندُ الأوّلُ في ضميرِ الأمّةِ…مضيفا إنَّ المعاناةَ التي يعيشُها أهلُنا في غزّةَ ليست خبرًا نَنقُلُه…
بل أمانةً نُحاسَبُ عليها أمامَ اللهِ والتاريخِ.
وإنَّ واجبَ الإعلامِ العربيِّ اليومَ ليس روايةَ المأساةِ فحسب،
بل كسرَ الروايةِ المُضادّةِ،
وتعريةَ التضليلِ،
وحمايةَ الوعيِ العربيِّ من الاستهدافِ المُمنهجِ.
ونحنُ اليومَ لا نُدافعُ عن فلسطينَ فقط…
نحنُ نُدافعُ عن الحَقِّ،
وعن الإنسانِ،
وعن وجودِ الأمّةِ نفسِها.
واكد اللافي إنَّ جدولَ أعمالِ هذا الاجتماعِ يعكسُ تحدّياتٍ هائلةً :من التحركِ الإعلاميِّ العربيِّ في الخارجِ،
إلى توظيفِ الذكاءِ الاصطناعيِّ،
إلى حمايةِ الأجيالِ عبرَ التربيةِ الإعلاميةِ، إلى مواجهةِ حملاتِ التشويهِ وتفكيكِ ثقةِ الشعوبِ في مؤسساتِها.
وقد أثبتت السنواتُ الأخيرةُ أنَّ الإعلامَ لم يعد ساحةً محليّةً…
بل مَعركةَ سيادةٍ وصورةٍ ووعيٍ.
ولهذا فإنَّ تعاونَنا اليومَ ليس خيارًا تكميليًّا،
بل ضرورةً وجوديةً.
وقال اللافي : اسمحوا لي أن أستعيدَ معكم لحظةً راسخةً في ذاكرةِ هذه القاعةِ…
لحظةً تعودُ إلى الثامنِ والعشرينَ من مارس عامَ ألفٍ وتسعمائةٍ وثلاثٍ وخمسينَ،
يوم مثّلت ليبيا نفسَها في إحدى أوائل مشاركاتِها كدولةٍ مستقلةٍ داخلَ مجلسِ جامعةِ الدولِ العربيةِ.
وقف حينها رئيسُ وزرائنا ووزيرُ خارجيتِنا السيد محمود المنتصر ليُلقي كلمةً أصبحت جزءًا من الذاكرةِ المُؤسِّسةِ للعملِ العربيِّ المشتركِ، قال فيها:
“سنظلُّ أوفياءَ لإخوانِنا العربِ، نعملُ معهم في سبيلِ نهضةِ الأمّةِ وخيرِها.”
لم تكن تلك العبارةُ جملةً بروتوكوليةً…
بل كانت عهدًا ليبيًّا مُبكرًا—وعدًا بالوفاءِ للأشقاءِ والانتماءِ الصادقِ للأمّةِ.
واليوم، وبعد أكثرَ من سبعينَ عامًا، نقفُ في المقام نفسِه، نُعيدُ العهدَ ذاتَه… بعزيمةٍ أقوى وإيمانٍ أعمقَ.
وشدد اللافي على ان الإعلامُ ليس سلطةً رابعةً…
بل هو ضميرُ الأمّةِ.
والكلمةُ ليست أداةً…
بل عهدٌ.
وان أمانةُ الكلمةِ تفرضُ علينا أن نكونَ صوتَ الناسِ لا صدى المناصبِ،
وأن نَسعى دائمًا لحمايةِ نقلِ الحقيقةِ،
وأن نضعَ الإنسانَ .. قبلَ العنوانِ.
ونبه إلى أن أخطرَ ما يُهدِّدُ المسؤولَ ليس النقدَ،
ولا الضغوطَ…
بل أن تَغُرَّه الوظيفةُ.
أن ينسى يومًا أنَّه جاء ليَخدِم… لا ليُخدَمَ.
أو أن تسرقَه البروتوكولاتُ عن رؤيةِ الناسِ،
وتُبعِدَه الألقابُ عن احتياجاتِ شعوبِه وهمومِهم.
وقال : امام نحنُ اليومَ أمامَ مفترقِ طريقٍ:
إمّا إعلامٌ يصنعُ الوعيَ…
أو إعلامٌ يصنعُ الضجيجَ.
إمّا أن نَحميَ الحقيقةَ…
أو نتركَها فريسةً للتشويهِ والتزييفِ.
من ليبيا… ومن قلبِ الشارعِ العربيِّ…
نأتي بعهدٍ واحدٍ:
أن نكونَ جزءًا من إعلامٍ عربيٍّ شجاعٍ، نزيهٍ، موحَّدٍ…
يَحمي الحقيقةَ كما يَحمي الأوطانَ.



